يندمج مشروع رقمنة قطاع المالية، الذي شرعت فيه السلطات العمومية سنة 2006، ضمن منهج تنظيمي يهدف إلى رقمنة كافة العمليات الداخلية الخاصة بالبنوك لكي تشمل جميع المستويات التابعة لها، خاصة وأن البيئة الاقتصادية الحالية معقدة بالتطور التكنولوجي الحالي، بحيث يكون مركز الاهتمام الحالي الزبون.
علاوة علي ذلك، فإن الرقمنة تساعد على تفعيل أدوات مختلفة بإمكانها تحسين علاقة البنوك بزبائنها من خلال رقمنة كلية أم جزئية لمهام البنوك أو معاملاتها خاصة التي تحمل قيمة مضافة.
وفي ضل متطلبات العصرنة، يجب على البنوك أن تنتقل الى مراحل تطوير وعصرنة اجراءات المهن البنكية بطريقة ابتكارية تسمح بالقيام بالعمليات بطريقة بسيطة وسهلة، وذلك من خلال توفير مختلف الوسائل والتقنيات التي تخدم موظفي البنوك لتسهيل العمل، مع الأخذ بعين الاعتبار مختلف المهام المتعلقة بالموظفين، علما أن المهن البنكية عرفت عدة تغييرات مهمة في السنوات الأخيرة.
التحدي الذي تمثله رقمنة الاجراءات على مستوى البنوك يمكن بلوغه، خاصة وأنه يساعد بشكل كبير على تسهيل المهام بالنسبة لكل الفاعلين المعنيين في قطاع المالية والبنوك، ما ينعكس ايجابا على تطوير العلاقة بين البنوك والزبائن على جميع المستويات. و تبقي تطلعات البنوك في تصاعد مستمر من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من الاصلاحات، وذلك من خلال تطوير وتحيين الأنظمة المعلوماتية، وتطوير أنظمة النقديات ونظام الدفع الالكتروني للبنوك، من أجل طرح منتجات وخدمات بنكية ابتكارية لخدمة الزبون وبالتالي تطوير العلاقة بين البنك والمواطنين.
وتسعى البنوك أيضا الى التكفل الكامل والفعلي بالشكاوي التي تسجل أثناء القيام بالعمليات البنكية، ما يسمح بخلق علاقة ثقة وأمان بين الزبون والبنك.
هذه الحركية والتحول الرقمي الذي يعرفه قطاع البنوك، و الذي بادرت به السلطات العمومية، يعرف تطورا تدريجيا من أجل أن يشمل جميع المهن البنكية، خاصة وأن البنوك تقوم بالاطلاع على اخر التطورات التكنولوجية والتنظيمية المناسبة والتأقلم معها حسب امكانيتها واستراتيجيتها، تقوم بالعمل والتنسيق مع جميع الهيئات المعنية منها بنك الجزائر، الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية، تجمع النقد الالي.
وباشرت البنوك منذ البداية في عملية رقمنة الاجراءات البنكية من خلال رقمنة نسخ الصكوك البنكية بتاريخ 16 ماي 2006، هذه العملية التي تطلبت توحيد كل إجراءات المهنة البنكية التي كانت تتم بطريقة يدوية معقدة، وقامت البنوك بتوفير كل الامكانيات المادية والبشرية من اجل تحقيق المشروع. كما قام البنك المركزي بتحديد كل القوانين التنظيمية، والقواعد والاجراءات من أجل تطبيقها. وسمحت عملية رقمنة الصكوك بتسهل الاجراءات من خلال ربح الوقت مع ضمان الامان عند القيام بالعمليات البيبنكية، مع ربح ثقة المواطن.
تطلبت عملية تحقيق هذه المشاريع المتعلقة برقمنة الاجراءات، وتجديد الانظمة المعلوماتية و تطوير مجال النقديات، امكانيات مادية مهمة، من خلال اختيار خدمات ومنتجات بنكية معينة لرقمنتها، على غرار منتجات الدفع والسحب طلب الشيكات والبطاقات البنكية …الخ، وذلك حسب الأولويات واستراتيجية البنوك الموجهة لخدمة الزبائن، مع توفير قنوات رقمية تفاعلية تقدم خدمات سريعة وامنة للزبائن، على غرار.
وتسعى البنوك في عمليات اليومية العمل بالاعتماد على القنوات الرقمية من خلال الاعتماد على الهاتف الذكي والانترنت ، وهذه على حسب طبيعة الزبون واحتياجاته.
وفي هذا السياق تعمل البنوك بالعمل والتنسيق مع المؤسسات الناشئة والمؤسسات التكنولوجية المختصة في مجال البنوك من أجل توفير خدمات ومنتجات رقمية، رقمنة العمليات، مع الأخذ بعين الاعتبار المجال القانوني والتنظيمي للبنوك الوطنية، وأيضا احترام القوانين والاجراءات المتعلقة بمجال محاربة التزوير الرقمي.
كما قامت البنوك بتكوين موظفيها من أجل تعميم رقمنة الخدمات والمنتجات البنكية، ورقمنة العمليات، وذلك من أجل التعود على التقنيات والوسائل الحديثة، وفهم الاجراءات والمعالجة العمليات الرقمية التي تساعد الزبون.
ومن جهة أخرى، ومن أجل تأمين البيئة التكنولوجية وحفض المعلومات الرقمية ، قامت البنوك بتعزيز هذا المجال ، خاصة وأنه يتطلب احتياجات رقمية كبيرة، خاصة تلك المتعلقة بعمليات تخزين و الحفاظ على البصمة الرقمية مع فرض مراجعة اجراءات جمع المعطيات، ما فرض على البنوك تسطير بروتوكول أمن خاص، مع تسطير مخطط عمل يضمن استمرار الخدمة عند وقوع الأزمات.
كما قامت البنوك برقمنة الاجراءات التجارية المتعلقة بتحويل الصكوك والسندات لأمر، والأوراق التجارية من أجل تسهل الإجراءات المتعلقة بالتحويلات المالية في مجال التجارة الخارجية، لتحسين المعاملات على الزبائن.
وفيما يتعلق بمخاطر التزوير الرقمي، تستخدم البنوك، لاسيما من خلال التجارة عبر الإنترنت، حلولاً توفر قدرات متقدمة تستغلها من أجل تحليل سلوك الزبائن، بشكل مباشر، أو بواسطة المعالجات أوبالتعاون مع تجمع النقد الالي، من خلال استكشاف العناصر المرتبطة بكل زبون وكل تاجر ويب.
الآفاق :
بعد صدور قانون النقدي والمصرفي للبنوك، لم تعد الرقمنة في قطاع البنوك خيار، بل ان اللجوء اليها أصبح ضرورة حتمية، بحيث تكمن الأولوية في الاستخدام المكثف لتقنيات المعلومات والاتصالات الجديدة، لصالح الزبائن وتمييزهم عن الفاعلين غير البنكيين.
وفي هذه البيئة الجديدة، سيتعين على البنوك أن تذهب إلى ما هو أبعد من خلال الاستجابة البسيطة للطلب المتزايد والمستمر فيما يخص الخدمات الرقمية، وذلك عن طريق إعادة التفكير في النموذج الاقتصادي وتقسيم الطلبات بدقة، لتلبية احتياج الزبائن في المنتجات والخدمات الرقمية.
ويعد التحول الرقمي لقطاع البنوك بمثابة فرصة لتقديم أداء أفضل، وضمان أرباح أكثر للتكيف مع السياق الجديد، ويفرض التطور التكنولوجي الحالي على البنوك التكيف مع الواقع، وذلك بدمج قنوات تفاعل جديدة قائمة على الأدوات الرقمية التي تخدم وتدعم العمليات البيبنكية، بالإضافة إلى الدعم الإشهاري والاعلامي، الذي يساهم في الترويج بمنتجاتها ومواردها والاتاحة لتنويع أرباحها.
وتتبع البنوك نموذج يعتمد على الكفاءة التشغيلية لقنوات التوزيع الخاصة بها، لتحسين الخدمات لصالح زبنائها، من خلال إعداد نوافذ المبيعات للخدمات والمنتجات عن بعد، بشكل سلس وآمن ومتكامل.
و أما فيما يتعلق بالعلاقات مع الزبائن، فإن قنوات التفاعل لا تلبي المتطلبات التنظيمية إلا جزئيًا، لأنها تتطلب الحضور الفعلي لزبون (وجهًا لوجه) عند فتح الحساب، على وجه الخصوص.
ونظرا لوجود بعض القيود المتعلقة بالتكلفة بشكل خاص والتي قد تعيق البنوك في ممارسة عملياتها البيبنكية تجاه بعض زبنائها.، تجتمع مجموعات عمل متعددة التخصصات على شكل ورشات عمل، في فضاء الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية (ABEF) والهيئات الاستشارية الأخرى، بحيث يشكلون قوة اقتراح، ويساعدون في كسر العوائق وتوفير أفضل الحلول الممكنة، مع احترام الإطار التنظيمي والقانوني.
ولهذا الغرض، يبدي بنك الجزائر استعداده التام لمواجهة العوائق التي تمنع الزبون من إنجاز بعض العمليات الرقمية، وذلك من خلال تحديد احتياجات المهنة البنكية بدقة وباحترام القوانين ودراسة المخاطر من أجل التكفل بها بسرعة وذلك من خلال اللجنة المخصصة لهذا الغرض، والمكونة من اطارات متعددة التخصصات.